"الملك عبدالعزيز رائد الخصخصة في المملكة"، جريدة الرياض، عدد 12307 (الثلاثاء 21 ذو الحجة 1422هـ، 5 مارس 2002م).
أ.د. عبدالله بن ناصر الوليعي
يرتبط موضوع الخصخصة بالمملكة العربية السعودية في الوقت الحاضر بالتوجهات الحثيثة للدولة من أجل تحسين كفاءة أداء أنشطتها الاقتصادية، كما يرتبط بالجهود المتواصلة الهادفة إلى توفير أرضية ملائمة كي يقوم القطاع الخاص بأداء دور أكبر في التنمية الاقتصادية. ففي حديث لجريدة الشرق الأوسط في يوم السبت 19 صفر 1422هـ (12 مايو 2001م) تحدث صاحب السمو الأمير عبد الله بن فيصل بن تركي محافظ الهيئة العامة للاستثمار في المملكة في الجلسة الخاصة عن واقع وآفاق الاستثمار في المملكة العربية السعودية ضمن فعاليات المؤتمر السابع للاستثمار وأسواق رأس المال العربية الذي تستضيفه بيروت سنوياً تحدث خلالها عن عمليات الخصخصة في عدد من المرافق العامة مثل الاتصالات والنقل الجوي وقطاع إنتاج الكهرباء، وأكد أن القرار قد اتخذ على أعلى المستويات، وهناك لجان قد كلفت بإعداد الدراسات اللازمة.
وفي حديث لمعالي الأمين العام للمجلس الاقتصادي الأعلى الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز التويجري لجريدة الرياض في يوم الأحد 13 ذي القعدة 1422هـ (27 يناير 2002م) أكد فيه على أن المجلس الاقتصادي الأعلى مستمر في مجال برنامج الإصلاح الاقتصادي باهتمام مباشر من صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني ورئيس المجلس الاقتصادي الأعلى وبين أنه بدئ في آلياته وبرامجه، إضافة "لبرنامج الخصصة" حيث أنشئت لجنة مختصة داخل المجلس تناقش العديد من المواضيع المتعلقة بالتخصيص سواء الهيئات التنظيمية المتعلقة به كهيئة تنظيم الكهرباء أو هيئة الاتصالات.
والواقع أن تاريخ التحول إلى الخصخصة شأن حكومي قديم يعود إلى عهد جلالة الملك عبدالعزيز يرحمه الله الذي كان يلح على المواطنين بالاستكتاب في أسهم شركات النفط رغم قدرة الحكومة على تملك كامل الأسهم. ويؤكد هذا وثيقة وردت في ملحق الوثائق ضمن كتاب "بريدة داخل الأسوار وخارجها" حصل عليها مؤلفه أحمد بن حسن المنصور من دارة الملك عبدالعزيز، ولم يعلق عليها كما أنها لم تدرس من قبل حسب علمي، وهي وثيقة ربما تعيد كتابة التاريخ الاقتصادي للمملكة العربية السعودية. والوثيقة واضحة ومضمونها بسيط وفيها توجه وطني قوي نحو إبقاء ملكية الأسهم بيد المواطنين وهي خطاب من الملك عبدالعزيز يرحمه الله إلى صاحب السمو الأمير عبدالعزيز بن مساعد أمير منطقة القصيم وجماعة بريدة في 8 محرم 1342هـ (الموافق 20 أغسطس 1923م) يقول فيها: "من عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل إلى جناب الأخ المكرم عبدالعزيز بن مساعد وكافة جماعة أهل بريدة سلمهم الله تعالى آمين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته على الدوام بعد ذلك تدرون بحالتنا وأمور خارجنا وقل الوارد ولا هوب من فقر بلادنا بل هي أغنى من غيرها وإنما لعدم إخراج ما فيها من المصالح ولابد جاكم خبر اتفاقنا مع الشركة لأجل استخراج المعادن الغازية والاستفادة من معادن ومصالح بلادنا المكنوزة وسوف يبتدئ العمل بها قريباً إن شاء الله تعالى فهذه الشركة خصصوا من حصصها مئة وعشرين ألف سهم يكون منها ستين ألف سهم هذه لنا خاصة وستين ألف سهم نخرجها على رعايانا. والقصد أن تكون مصالحها للرعية أحسن من أن تكون للغير مع أن كلاً من الأجانب يحب أخذ هذه الحصص حتى ويدفعون لنا زيادة على قيمتها المعينة، ولكن حنا نحب أنها تكون المصلحة للرعية حيث إن مصالحها مع توفيق الله ما هي هينة ولا يقدر أحد يقيسها. فإذا سهل الله وجود معادن غاز أو نفط والكل لا شك موجود ومعروف فالحصة التي قيمتها جنيه واحد ربما تبلغ الخمسين جنيهاً أو ربما تزيد والله أعلم، المقصود أن هذه الستين ألف حصة التي لأجل تخريجها على رعايانا وردت أوراقها مع وكيل الشركة في البحرين وكل حصة قيمتها جنيه واحد. وأنا مثل ما ذكرت لكم أود أن هذه الحصص تكون بيد الرعية ومصلحته لها وأنتم هنا ربما تعطون البضائع تدورون بعض المصلحة لا سيما بما يحصل فيها من بعض [ كلمات غير واضحة ].. الشركة أسهمها مثل ما ذكرت لكم مصالحها مع توفيق الله ما تحصل في غيرها وأوراقها خزن متى شاء الذي بيده باعها ولابد فيكم ناس يعرفون كيف أحوال الشركات ومصالحها والحمدلله ما فيها شيء من أمور الحرام، عاد يكون معلومكم أنني أحب أنكم تجتمعون وتأخذون من هذه الأسهم كل على قدر رغبته، فإذا عرفتم مقدار رغبة الواحد منكم سواء يأخذ سهماً أو عشرة أو عشرين أو مئة وإذا اجتمع المجموع عندكم وعرفتموه فأرسلوه لمن تعتمدون عليه في البحرين وعرفوه يراجع وكيلنا القصيبي ويروح معه إلى وكيل الشركة ويسلمون له المبلغ ويأخذون منه أوراق أسهم بمقدار المبلغ المتسلم كل سهم عن جنيه واحد، ولكن احرصوا على ها الأمر لا يفوتكم تراه ما يحصل لكم فيما بعد لا تخلون المصالح تروح لغيركم بادرونا بالجواب عن مقدار ما يجتمع عندكم من الجماعة حتى نكون على معلومة منه، ومثل ما عرفناكم أرسلوه لمن تحبون من أهل نجد في البحرين يدفعه لوكيل الشركة ويأخذ لكم به أوراق أسهم يرسلها إليكم وأنتم تدرون أن لنا أصحاباً من العرب وكل منهم يطلب منا أن تعطيه من هذه الأسهم ولا جاوبنا أحداً عن ذلك كله نحب أنها تكون بيد الرعية ومصلحته لهم وننتظر ردكم لمعرفة مقدار الذي تأخذون حتى نكون على معلومية من ذلك. ولكن بادرونا بالجواب حيث إن الوقت ضيق والعمل قريباً إن شاء الله يبتدئ هذا ما لزم تعريفه والسلام." (انظر نص الوثيقة).
أمور مهمة في الوثيقة:
من خلال مضمون الوثيقة تبدو عدة أمور تنم عن إدراك عميق من الملك عبدالعزيز للتحولات الاقتصادية المهمة التي كانت بلاده مقبلة عليها في ذلك الوقت المبكر جداً حين كان لقب الملك عبدالعزيز "سلطان نجد وملحقاتها"؛ أي قبل ضم الحجاز عام 1344هـ (1925م) وتأسيس المملكة العربية السعودية عام 1351هـ (1932م)، ومن هذه الأمور:
1- قال جلالة الملك عبدالعزيز رحمه الله: "تدرون بحالتنا وأمور خارجنا وقل الوارد ولا هوب من فقر بلادنا بل هي أغنى من غيرها وإنما لعدم إخراج ما فيها من المصالح".
كما قال: "فإذا سهل الله وجود معادن غاز أو نفط والكل لا شك موجود ومعروف فالحصة التي قيمتها جنيه واحد ربما تبلغ الخمسين جنيهاً أو ربما تزيد والله أعلم".
توضح هذه الكلمات البسيطة الإيمان المطلق للملك عبدالعزيز رحمه الله في المستقبل المشرق لهذه البلاد الفقيرة في مواردها السطحية بسبب الجفاف الشديد لبيئتها الذي يهلك الحرث والنسل، ولكنها غنية برجالها الذين يستشرفون المستقبل ويؤمنون به فبلادنا فقيرة "لعدم إخراج ما فيها من المصالح" ولكنها "أغنى من غيرها". فهناك ثروات هائلة تحت السطح تنتظر الاستغلال والملك عبدالعزيز يتوقع هذا فالكل "لا شك موجود". وأهمية هذه العبارات الموقنة بغنى هذه البلاد هي أنها جاءت قبل إجراء المسوح الجيولوجية للمنطقة الشرقية.
2- قال جلالة الملك عبدالعزيز رحمه الله: "فهذه الشركة خصصوا من حصصها مئة وعشرين ألف سهم يكون منها ستين ألف سهم هذه لنا خاصة وستين ألف سهم نخرجها على رعايانا".
ها هو الملك عبدالعزيز يخصص 50% من أسهم شركة النفط للمواطنين و50% للدولة، وهذه أكبر نسبة تعرض على رعايا أي دولة من دول الخليج العربي سواء في الماضي أم الحاضر. وتدل على وعي شديد بأهمية القطاع الخاص وضرورة نموه ومشاركته في عملية التنمية حتى في ذلك الوقت المبكر من عمر الدولة.
3- قال جلالة الملك عبدالعزيز رحمه الله: "القصد أن تكون مصالحها للرعية أحسن من أن تكون للغير مع أن كلاً من الأجانب يحب أخذ هذه الحصص حتى ويدفعون لنا زيادة على قيمتها المعينة، ولكن حنا نحب أنها تكون المصلحة للرعية".
وقال: "أنتم تدرون أن لنا أصحاباً من العرب وكل منهم يطلب منا أن تعطيه من هذه الأسهم ولا جاوبنا أحداً عن ذلك كله نحب أنها تكون بيد الرعية ومصلحته لهم".
يلح الملك عبدالعزيز رحمه الله على المواطنين بقبول هذه الأسهم والمشاركة في تملكها فهو يريد "أن تكون المصلحة للرعية". ويبلغ الإلحاح مبلغه من الملك عبدالعزيز بحيث إنه يريد أن تكون ملكية أسهم الشركة بيد المواطنين الذين يحب أن يراهم أقوياء اقتصادياً عن طريق تملك شركات النفط، ولا يريد أن يدخل في هذه الملكية أجانب من عرب أو عجم. ومن يعرف حرص الملك عبدالعزيز على الاستقلال السياسي في القرار يدرك مغزى هذا الإلحاح منه رحمه الله على أن تكون مصالح الدولة بيد المواطنين الذين شاركوه بناءها وجاهدوا معه من أجل وحدتها وعزتها وكرامة قادتها.
4- قال جلالة الملك عبدالعزيز رحمه الله: "الشركة أسهمها مثل ما ذكرت لكم مصالحها مع توفيق الله ما تحصل في غيرها وأوراقها خزن متى شاء الذي بيده باعها".
لا يختلف نظام هذه الأسهم التي عرضها الملك عبدالعزيز رحمه الله عن نظام الأسهم العالمية فالمواطن يستطيع أن يبيع أسهمه متى شاء.
5- قال جلالة الملك عبدالعزيز رحمه الله: "لابد فيكم ناس يعرفون كيف أحوال الشركات ومصالحها والحمدلله ما فيها شيء من أمور الحرام".
هنا يدرك الملك عبدالعزيز رحمه الله بعض العوائق التي تصاحب شراء الأسهم، ويطمئن المواطنين ويشرح لهم في ذلك الوقت المبكر جداً أن أمور الشركات ومصالحها ليس فيها شيء من الحرام؛ أي ليست ربوية.
6- قال جلالة الملك عبدالعزيز رحمه الله: "احرصوا على ها الأمر لا يفوتكم تراه ما يحصل لكم فيما بعد لا تخلون المصالح تروح لغيركم".
ويختم الملك عبدالعزيز رحمه الله رسالته بتكرار الإلحاح بأن يحرص الناس على هذا الأمر وألا يتركوا المجال لغيرهم، فهذه فرصة أتيحت لهم وقد لا تتكرر فيما بعد. وصدق الملك عبدالعزيز رحمه الله.
ويتبقى بعد ذلك أن هذه الوثيقة ما زالت مادة خاماً لم تدرس فهناك أسئلة كثيرة ليس لها جواب. فكيف كانت استجابة المواطنين لهذه الرغبة الملكية والإلحاح عليهم وتفضيلهم على غيرهم من الأجانب من عرب وعجم؟ وما مدى النجاح الذي لقيته تلك المحاولة؟ وما الظروف المحلية والدولية التي أحاطت بتلك التجربة؟ وغيرها العديد من الأسئلة والافتراضات التي تحتاج إلى متخصص في التاريخ الاقتصادي ليسبر أغوارها ويحللها مما يعد إعادة كتابة لتاريخ الخصصة في المملكة العربية السعودية.
ما هي الشركة؟
لم يذكر في الوثيقة اسم شركة النفط ولكن يمكن توقع اسمها من خلال تاريخ الوثيقة 8 محرم 1342هـ (الموافق 20 أغسطس 1923م)، فخلال تلك الفترة كان الميجور فرانك هولمز Major Frank Holmesيفاوض الملك عبدالعزيز للاتفاق على التنقيب عن النفط في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية. قال الأمير الدكتور عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز عن هذه الفترة في بحث له عن "مفاوضات الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه مع الامتيازات النفطية في المملكة العربية السعودية" قال: "حضر إلى العقير [ مؤتمر العقير الثاني 12 ربيع الثاني 1341م (2/12/1922م) ] أثناء مفاوضات الحدود رجل نيوزيلندي اسمه الميجو فرانك هولمز ممثلاً لشركة بترول بريطانية اسمها إيسترن جنرال سينديكات Eastern General Syndicateطالباً منحه امتيازاً بترولياً في المنطقة الشرقية والمنطقة المحايدة السعودية الكويتية. وقد علم المندوب البريطاني إلى مؤتمر العقير السيد كوكس بطلب السيد هولمز وحاول إقناع الملك عبدالعزيز برفض الطلب، وكان يهدف من وراء ذلك إلى ترك المجال مفتوحاً أمام شركة البترول الأنجلو-إيرانية العاملة في إيران والتي تمتلك الحكومة البريطانية فيها حصة قدرها 70%، وكذلك شركة بترول العراق، كما أنه قدم نصيحة مماثلة للميجور هولمز بعدم الإسراع بملاحقة الامتياز بالرغم من أنه يمثل شركة بترول بريطانية ولكن لا تمتلك الحكومة البريطانية حصة فيها، وقد اعتبر الملك عبدالعزيز ذلك تدخلاً مرفوضاً من الجانب البريطاني فيما لا يعنيهم وقد يكون هدفهم من ذلك تمهيد الطريق لشركة البترول الأنجلو-إيرانية للحصول على امتياز بالمملكة فدولته ذات سيادة ولها الحق في منح امتيازات بترولية لأي شركة تشاء، ولم يسبق له أن أعطى تعهداً لبريطانيا أو لغيرها بحصر الامتيازات البترولية في مواطني دولة معينة أو غيرها كما كان الحال في الكويت والبحرين، فقام بعد خمسة شهور من عقد اتفاقية العقير بمنح امتياز لشركة إيسترن المذكورة في منطقة الأحساء ولحصة المملكة من المنطقة المحايدة السعودية الكويتية، وقد تضمنت اتفاقية الامتياز تلك الشروط التالية:
1- تبلغ مساحة الامتياز 36000 ميل مربع امتدت من شمال المنطقة المحايدة حتى حرض جنوباً.
2- يحتوي الامتياز على حقوق الاستكشاف والإنتاج للبترول وسائر المعادن واستغلالها وتصديرها إلى الخارج.
3- مدة الامتياز 75 عاماً.
4- التزام الشركة في بدء أعمال الحفر والاستكشاف خلال تسعة أشهر من توقيع الاتفاقية.
5-لا يحق للشركة التدخل في الشؤون السياسية للدولة.
6-تلتزم الشركة باستخدام العمال السعوديين في المجالات التي يصلحوا لها وأن تدفع لهم رواتب جيدة وتوفر لهم الخدمات الطبية والعلاج دون مقابل.
7- تقوم الدولة بمساعدة الشركة وحمايتها.
8- يحق للشركة إنهاء الامتياز بعد 35 عاماً من تاريخ التوقيع إذا ما رغبت ذلك، ولها الحق حينئذ في أخذ معداتها والمكائن التي استخدمتها.
9- للدولة الحق بشراء 20% من أسهم أية شركة تؤسسها الشركة صاحبة الامتياز في سبيل استغلال الأراضي الممنوحة وللدولة الحق في قبول أو رفض هذا العرض خلال ستين يوماً.
10- للدولة الحق في تعيين عضو في مجلس إدارة الشركة المؤلفة لهذا الغرض من ضمن ستة أعضاء.
11- تلتزم الشركة بدفع إيجار سنوي بالمنطقة الممنوحة قدره 2000 جنيه استرليني ذهباً تدفع مقدماً لكل سنة من سنوات الامتياز.
وقد قامت الشركة بمباشرة العمل في الحفر والتنقيب عن البترول واستخدمت خبراء جيولوجيين من سويسرا لهذا الغرض غير أنها لم توفق في العثور على أية مكامن بترولية مع العلم أنها سددت التزاماتها بدفع الإيجار السنوي للسنتين 1923 و1924م (1342-1343هـ)، غير أن النفقات التي بذلتها في المشروع قد ذهبت بجميع الأموال المتوفرة لديها فعمدت حينئذ إلى محاولة إشراك شركات البترول الكبرى في المشروع كما حدث في الكويت والبحرين غير أن تلك الشركات لم تتجاوب مع تلك الجهود، خصوصاً وأن اتفاقية الخط الأحمر التي سبق لهذه الشركات أن وقعت عليها كشرط من شروط اتفاقية شركة بترول العراق تحظر على أي شركة منفردة منها الدخول في نشاطات بترولية ضمن المنطقة المحظورة عليها وهي تشمل المملكة العربية السعودية، وحيث إن الشركة قصرت في أعمال التنقيب والحفر خلال العامين التاليين، كما أنها لم تدفع الإيجار السنوي الذي تعهدت به خلال سنتين متتاليتين أي 1925 و1926م (1344-1345هـ)، فقد قرر الملك عبدالعزيز سحب الامتياز من الشركة عام 1928م (الموافق للعام 1347هـ)، استناداً إلى إخلال الشركة الواضح في شروط الامتياز."
قال الملك عبدالعزيز: "الكل لا شك موجود":
لم يؤثر فشل المحاولات الأولى للبحث عن النفط والمعادن في اقتناع الملك عبدالعزيز الراسخ بوجود ثروات هائلة في بلاده، ففي عام 1352هـ (1933م) منحت حكومة المملكة العربية السعودية امتيازاً للتنقيب عن النفط واستخراجه لشركة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا (سوكال آنذاك و شيفرون حالياً) في مساحة قدرها 1284381 كم مربع. وبعد عدة أشهر من توقيع الاتفاقية، أثمرت نتائج البحوث الجيولوجية الأولية في أعمال التنقيب عن النفط عن دلائل مشجعة لوجوده في المنطقة المحيطة بجبل الظهران. وفي 22 شعبان 1357هـ (16/10/1938م) بدأت الآمال تزداد مع اكتشاف النفط بكميات تجارية من خلال بئر الدمام رقم 7، وذلك من متكون طبقة العرب، ودشن تصدير أول شحنة من النفط السعودي من ميناء رأس تنورة في شهر ربيع الأول 1358هـ الموافق (مايو 1939م). وتوالت الاكتشافات بعد ذلك حتى بلغ عدد الحقول المكتشفة حتى عام 1999م تسعون حقلاً منها سبعة حقول للغاز وواحد من المكثفات و البقية للزيت، ويقع 83 حقلاً ضمن منطقة امتياز شركة أرامكو السعودية والبقية في المنطقة المقسومة من المنطقة المحايدة. وتحتل المملكة العربية السعودية اليوم المرتبة الأولى في احتياطي النفط و إنتاجه و تصديره في العالم إذ يبلغ احتياطي المملكة الثابت وجوده من النفط نحو 26% من إجمالي الاحتياطي العالمي للنفط، ووصل إنتاج المملكة من الزيت الخام 13% من الإنتاج العالمي، وبلغ حجم صادراتها من الخام 20% من الصادرات العالمية للنفط من أنواع النفط السعودي الخام الخمسة وهي: العربي الثقيل، والعربي المتوسط، والعربي الخفيف، والعربي الخفيف جداً، والعربي الممتاز.