مقالات صحفية

هذا القسم يشتمل على مقالات صحفية خاصة بعلم الجغرافية


حوار مع مرآة الجامعة عن تأصيل العلوم والنشر

حوار مع مرآة الجامعة عن تأصيل العلوم والنشرمرآة الجامعة، السنة العشرون، العدد 268، الأثنين 15 رمضان 1421هـ (11/12/2000م).

 

أ. د. الوليعي في حديث لـ "مرآة الجامعة"

البحث عن تأصيل الأستاذ أولى من تأصيل العلوم

الجغرافي هو الوحيد الذي يستطيع أن يتحدث مع الجميع ويحل مشاكلهم

الأساتذة يقتطعون قيمة النشر من مصروف بيوتهم

 

حوار: بندر الزهراني

أكد أ. د. عبدالله بن ناصر الوليعي أستاذ الجغرافيا بكلية العلوم الاجتماعية أن العولمة وما أتاحته من سهولة الحصول على المعلومة تقتضي من الجامعة أن يكون همها الأول هو تأصيل الأستاذ وليس تأصيل العلوم الاجتماعية.

وقال في حديث لـ "مرآة الجامعة": ليس عيباً أن تستعير اللغة العربية مصطلحات من اللغات العالمية الحية بل هو دليل عافيتها.

وأضاف: أن المتخصص الجغرافي هو الوحيد الذي يستطيع أن يتحدث مع الجميع لأن لديه إلمام بطرق حل المشكلات في كل العلوم!

وأشار إلى أنه لم يجرى أي بحث بدعم من الجامعة، كما لم يحدث لأي أستاذ في قسم الجغرافيا أيضاً، باستثناء البحوث التي تجرى أثناء التفرغ العلمي.

وقال إن الأعمال الإدارية والتعليمية داخل وخارج الجامعة لا تترك وقتاً ينفقه الأستاذ في التأليف والبحث.

وأضاف أن الكثير من أساتذة الجامعة لديهم كتب جاهزة تنتظر النشر ولكن لم يوفقوا في ناشر عادل يضمن لهم الاستفادة من إنتاجهم مع ضمان حقوقهم المالية والمعنوية.

وأشار إلى أن الذين يخوضون غمار التأليف يقتطعون قيمة نشر الكتاب من مصروف بيوتهم.

وفيما يلي حديث د. الوليعي لـ "مرآة الجامعة".

 تأصيل الأستاذ

* تسعى الجامعة إلى تأصيل العلوم الاجتماعية فما الذي يمكن أن يقدمه قسم الجغرافيا في هذا الشأن؟

- لا يمكن للجامعة أن تعيش بمعزل عن الحركة الثقافية في العالم، فالعولمة وما أتاحته من سهولة الحصول على المعلومة تقتضي من الجامعة أن يكون همها الأول هو تأصيل الأستاذ وليس تأصيل العلوم الاجتماعية. فطالما أن الأستاذ مؤصل تأصيلاً إسلامياً صحيحاً فسيمارس عرض العلوم الاجتماعية - ومنها الجغرافيا - على ميزان دقيق من الشرع والرؤية الإسلامية الواضحة.

 

المصطلحات الأجنبية

* تمتلئ المؤلفات الجغرافية العربية بالمصطلحات الأجنبية الصعبة، أليس من الحق أن تتم ترجمة هذه المصطلحات أو تعريبها لتتسق مع قواعد الصرف العربية؟ وماذا عمل قسم الجغرافيا وأساتذته نحو هذا الهدف؟

- ليس عيباً أن تستعير اللغة العربية مصطلحات من اللغات العالمية الحية بل هو دليل عافيتها فاللغات الميتة فقط هي التي توقفت حركتها وشلت فاعليتها. وقد استعارت اللغة العربية مصطلحات جغرافية قليلة مقارنة بالمصطلحات العربية المستخدمة ومنها اسم العلم (جغرافيا) فهي كلمة إغريقية في أصلها دخلت اللغة العربية مبكراً. ومتى ما استعير اللفظ طبقت عليه قواعد الصرف العربية. والاستعارة ليست ترفاً أو رغبة وإنما يفرضها أحياناً عدم وجود مصطلح واحد دقيق يدل على المعنى المراد مثل مصطلح "جيومورفولوجيا" فهو اسم لعلم من الجغرافيا يدل على أشكال سطح الأرض والعمليات المؤثرة في هذه الأشكال. وقد استعارته لغات العالم كلها من اللغة الإغريقية واحتفظت فيه بلفظه.

 

الاستفادة من الجغرافي

* يتساءل بعض أفراد المجتمع عن أوجه الاستفادة المباشرة للمجتمع من علم الجغرافيا بشكل عام والبحوث التي تجرى في ميادينه المختلفة؟

- ليس هناك مساحة كافية للخوض في إجابة هذا السؤال ولكن الجغرافيا علم حيوي يفيد المجتمع بما يتيحه من بحوث تطبيقية وما ينتجه من أعمال مثل الخرائط وما تحويه من أسماء ومعالم تضاريسية وظواهر بشرية، ودروب وطرق ومسالك وممالك، ومثل نظم المعلومات الجغرافية وما توفره من طرائق للتحليل المنظم والقدرة على استرجاع المعلومات الجغرافية بيسر وسهولة وما تنتظمه من وسائل للرسم الآلي للخرائط والمخططات. إضافة إلى ما يمارسه الجغرافيون أنفسهم من رؤية شاملة للعلوم وللمشكلات التي يواجهها المجتمع فالجغرافي هو الوحيد الذي يستطيع أن يتحدث مع الجميع إذ أن لديه إلمام بطرق حل المشكلات في كل العلوم. ولذلك فأفضل من يدير المشروعات التي تخدم المجتمع هم بلا جدال الجغرافيون. ولا ننسى دور الجغرافيين في التدريس والتأليف والتعريف بمواطن الشعوب واقتصادياتها وغير ذلك.

 

دعم الجامعة للبحوث!

* كيف تقيمون دعم الجامعة للبحث العلمي وهل أجريتم بحوثاً بدعم من الجامعة؟

- لم يحدث أن أجريت بحوثاً بدعم من الجامعة، كما لم يحدث هذا لأي زميل معي في قسم الجغرافيا هذا إذا استثنينا البحوث التي تجرى أثناء التفرغ العلمي. ولعل إنشاء معهد البحوث والاستشارات يسهم في حل قضية دعم البحوث وتمويلها.

 

الوقت مهم للتأليف

*جهودكم البحثية المتواصلة أثمرت عدداً من الكتب العلمية التي أثرت المكتبة الجغرافية خاصة في مجال جغرافية المملكة، لماذا يحجم كثير من أساتذة الجامعة عن مواصلة جهودهم العلمية بمجرد حصولهم على الدكتوراه أو درجة الأستاذية؟

- قد يكون هذا صحيحاً لفئة قليلة لها ظروفها، ولكن هذا غير صحيح على إطلاقه فالأستاذ لم يصل إلى هذه الدرجة إلا عبر كتابة بحوث وتأليف كتب. ولكن الذي يحدث -كما حدث لي - إن الأستاذ يفاجأ بعد حصوله على الدرجة أن أعماله الآن بدأت تخدم الآخرين بدلاً من خدمة الباحث نفسه فتبدأ تنهال عليه أوراق التحكيم وبحوثها من المجالس العلمية والمجلات العلمية، كما يطلب منه المشاركة في الإشراف على الرسائل العلمية، وإعداد المحاضرات، والمشاركة في اللجان داخل وخارج الجامعة، إضافة إلى جدول محاضرات داخل القسم وهذا لا يترك وقتاً ينفقه الأستاذ في التأليف والبحث.

ورغم هذه الأعمال الكثيرة ينجح بعض الأستاذة في تأليف بعض الكتب التي تخدم تخصصاتهم أثناء تفرغهم العلمي.

 

تأخر عملية النشر

* يعجب المهتمون من وصول بعض أساتذة الجامعة إلى مراتب عملية عالية دون أن يكون لأحدهم جهود علمية منشورة. في رأيكم لماذا يحجم كثير من الأساتذة عن نشر بحوثهم العلمية. وهل ترون في خلال تجربتكم الشخصية أن هناك معوقات خارجية تساهم في وجود هذه الظاهرة؟

- لا يمكن لأستاذ الجامعة أن يصل مراتب عالية دون أن يكون له بحوث منشورة فهذا ضد لائحة الترقية ولا يمكن أن يحدث. ولكن إذا كنت تقصد الكتب العلمية فالمعوقات هي في نشر الكتاب مع حفظ حقوق المؤلف. فهناك عدد من الزملاء لديه كتب جاهزة تنتظر النشر ولكن لم يوفقوا في ناشر عادل يضمن لهم الاستفادة من إنتاجهم مع ضمان حقوقهم المالية والمعنوية. والذين يخوضون غمار التأليف يقتطعون قيمة نشر الكتاب من مصروف بيوتهم ويفاجأون فيما بعد بأن سوق الكتاب سوق راكدة فيحجمون عن تكرار ذلك.

 

مجلة الجامعة

* يطرح البعض فكرة تجزئة مجلة الجامعة حسب المجالات العلمية المختلفة بحيث تصدر على شكل مجلات فرعية ما رأيكم بهذا الطرح؟

- لقد سبق لقسم الجغرافيا أن طالب بهذا فمراعاة التخصص واجب حيث كان لدى القسم كتاب حولي وأوقف بسبب جمع الكتب الحولية في مجلة الجامعة. وكان المنتظر أن تفعل الجامعة مثل ما فعلته الجامعات الأخرى في تجزئة المجلة إلى أعداد متخصصة ولكن لم يحدث هذا..ولذا فلدينا رجاء نكرره في ضرورة تجزئة مجلة الجامعة إلى ثلاثة فروع على الأقل في الوقت الحاضر مثل فرع الشريعة وأصول الدين، وفرع علوم اللغة (اللغة العربية والإنجليزيةوفرع العلوم الاجتماعية، أو فرع العلوم السلوكية، وفرع آخر للتاريخ والجغرافيا.

 

صعوبات البحث

*هل هناك صعوبات واجهتكم في عملكم في البحوث والدراسات الجغرافية؟

- لم تواجهني صعوبات - والحمد لله - في إعداد بحوثي ودراساتي فإذا توفر الوقت والتمويل الكافي فليس هناك صعوبة. إنما المشكلة تظهر عندما لا يتوفر أياً من هذين الأمرين. خاصة في الجغرافيا التطبيقية التي تحتاج إلى دراسات حقلية مكلفة.

 

مصارف الأمطار

* ظهرت مؤخراً إشكالات حول مصارف الأمطار داخل المدن ألا يمكن تحميل هذه المشكلة للجغرافيين ثم لم لا تكون هناك مبادرة منكم أو من القسم في إيجاد بعض الحلول لهذه المشكلة؟

- لم تكن هذه المشكلة موجودة في المدن قبل إنشائها فالمصارف طبيعية، ولكن ظهرت المشكلة بإلحاح بعد إقامة المدن فقد قامت البلديات والمستثمرون العقاريون بإزالة المرتفعات وتسوية الأرض وردم مجاري الأودية مما خلق هذه المشكلة. ولو تركت الأرض على ما خلقها الله كما هو حاصل في البلدان الأوروبية لم تظهر هذه المشكلة. ومساهمة الجغرافيين هي في النصح بترك الأرض على ما هي عليه والحفاظ على المصارف الطبيعية في المدن.

 

الكلمة الأخيرة

* ما هي الكلمة الأخيرة التي توجهونها لطلاب قسم الجغرافيا؟

- كلمتي لأبنائي طلاب قسم الجغرافيا أن يعتزوا بالله ثم بعلمهم الذي يدرسون فالمستقبل ممتاز والأعمال التي تحتاج إلى الجغرافيين في ازدياد. فالمطلوب عدم الالتفات لمن يقلل من قيمة العلم الجغرافي.