الجبل والتل:
يختلط الأمر على الجغرافيين والجغرافيات عندما يريدون التفريق بين الجبل والتل ذكر يوسف توني في معجمه "معجم المصطلحات الجغرافية" ص 128 أن التل: "جزء صغير من سطح الأرض يرتفع عما يجاوره، وهو أقل ارتفاعاً من الجبل وقد اصطلح على اعتبار المرتفعات التي تقل عن 1000 متر من حضيضها إلى قمتها تلالاً، أما تلك التي تزيد عن ذلك فتدخل في عدد الجبال، وإن كان هذا التحديد ليس سليماً في كل الأحوال". أ.هـ. وبما أن مصطلح "تل" هو في الغالب ترجمة لكلمة hillفقد رجعت إلى معجم منكهاوس عن مصطلحات البيئة الطبعية ص 148 حيث قال ما ترجمته: "التل hillهو مرتفع من الأرض أقل ارتفاعاً من الجبل في المنطقة نفسها، وليس هناك تحديد دقيق لارتفاع التل لأن هذا الأمر يخضع لتقديرات خاصة فمثلاً تلال hillsداكوتا السوداء ترتفع إلى 2207م وتلال نلجيرا في جنوب الهند ترتفع إلى 2694 متراً" أ.هـ. ومن هنا فقد اشترط مونكهاوس أن يكون الجبل والتل في المنطقة نفسها لكي يقارن بينهما.
ومصطلح "تل" لا يوجد في المملكة العربية السعودية إلا نادراً فقد رجعت إلى المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية بمساعدة قاعدة المعلومات لدى الجمعية الجغرافية السعودية فلم أجد سوى "تل الشخم" وهو محطة لسكة حديد الحجاز شمال تبوك، والتليل: وهو جبل بين مكة والبحرين كما ورد في معجم المنطقة الشرقية. وعلى هذا نستطيع القول بأن هذا المصطلح لا يستخدم محلياً إلا على نطاق ضيق في شمالي المملكة وبمعنى الربوة لذا فلا تجد مرتفعاً من الأرض باسم "تل" بينما تجد أسماء تبدأ بمعظم المصطلحات العربية الأخرى لمرتفعات الأرض. والمعروف بأنه يجرى إطلاق كلمة "جبل" بدون حدود في المملكة العربية السعودية مثل جبال طويق ذات الارتفاع البسيط.
ويبدو بأن المصطلح الموافق لكلمة hillهو "الضلع" و"الحزم" وليس "التل". ذكر الثعالبي في فقه اللغة ص 294 عن ترتيب ما ارتفع من الأرض إلى أن يبلغ الجبيل ثم ترتيبه إلى أن يبلغ الجبل العظيم الطويل ما يلي: "أصغر ما ارتفع من الأرض النبكة، ثم الرابية أعلى منها، ثم الأكمة، ثم الزيبة، ثم النجوة، ثم الريع، ثم القف، ثم الهضبة (وهي الجبل المنبسط على الأرض)، ثم القرن (وهو الجبل الصغير)، ثم الدك (وهو الجبل الذليل)، ثم الضلع (وهو الجبيل ليس بالطويل)، ثم النبق (وهو الطويل)، ثم الطود، ثم الباذخ والشامخ، ثم الشاهق، ثم المشخر، ثم الأقود، والأخشب، ثم الأيهم، ثم القهب (وهو الجبل العظيم مع الطول)، ثم الخشام". أ. هـ.
كما ذكر ابن منظور (ج11 ص 78) أن: التل: الرابية. والتلال عند العرب الروابي المخلوقة. وذكر ابن شميل أن التل من صغار الآكام، والتل طوله في السماء مثل البيت وعرض ظهره نحو عشرة أذرع وهو أصغر من الأكمة. "وقال عن الحزم (ج 12 ص 132) ما يلي: "الحزم من الأرض ما احتزم من السيل من نجوات الأرض والظهور، والجمع الحزوم. والحزم: ما غلظ من الأرض وكثرت حجارته وأشرف حتى صار له إقبال لا تعلوه الإبل والناس إلا بالجهد". وذكر أمثله للحزوم. وذكر في المعجم الوسيط (ج 1، ص 86) أن التل: "ما ارتفع من الأرض عما حوله، وهو دون الجبل، وجمعه تلال وتلول وأتلال". ولم يورد الدكتور الغنيم في معجمه "منتخبات من المصطلحات العربية" أي ذكر للتل وإنما وردت الكلمة عرضاً في شرح مصطلح الأبرق. وورد في "قاموس المترادفات والمتجانسات" ص 24 أن "تل" يرادفه رابية وأكمة فقط.
وحسب تحديد ابن منظور لارتفاع التل بأنه يساوي ارتفاع البيت مع صغر في ظهره بحيث لا يصل إلى أكثر من عشرة أذرع يجعل استخدام الجغرافيين والجغرافيات لمصطلح "التل" غير صحيح فهو ليس المرتفع من الأرض التالي للجبل في الارتفاع بل هو في مرحلة متأخرة جداً لا يعدو أن يكون رابية من الروابي الطبيعية أو "المخلوقة"؛ أي الركام الذي صنعه الإنسان. لذا ينبغي الاستعاضة عن مصطلح "تل" فيما دون "الجبل" إلى مصطلح "الضلع" وهذا سيخرجنا من الحرج مع تلاميذنا عندما نعجز عن إيراد أمثلة للتلال وسيجعلنا موافقين للاستخدام العربي الصحيح للمصطلحات بدون تقليد لمدارس جغرافية أخرى.