مقالات صحفية

هذا القسم يشتمل على مقالات صحفية خاصة بعلم الجغرافية


شكراً أمين مدينة الرياض وإليكم هذه الاقتراحات

- "شكراً أمين مدينة الرياض وإليكم هذه الاقتراحاتجريدة الرياض، عدد 14093 (الأربعاء 5 محرم 1426هـ، 24 يناير 2007م).

 

أ. د. عبدالله بن ناصر الوليعي

 

اكتملت معظم البنى التحتية لمدينة الرياض وأصبحت مدينة عالمية في كل مظاهرها، بل مدينة متروبوليتانية يقطنها زهاء خمسة ملايين من البشر من مختلف أصقاع المعمورة. ورغم ذلك فقد استمرت الرياض تحمل صفة الجفاف الصحراوي وخشونة المظهر والمخبر وهما لازمتان من لوازمه. وقد جاء تعيين صاحب السمو الأمير د. عبدالعزيز بن محمد بن عياف آل مقرن أميناً لمدينة الرياض في الوقت المناسب لإزالة التصحر الحضاري عن المدينة ذلك أنه الشيء الوحيد الرئيسي الذي ينقصها. ويمتاز سموه بالحس الفني والجمالي وحماس الشباب والدعم غير المحدود من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، وشاهد ذلك الاهتمام بالنواحي الثقافية والحضارية والاحتفالية، واختيار أرصفة للمشاة تنشأ من جديد وتحمل الصفات الجمالية والأمنية والصحية لمرتاديها من نساء ورجال وغير ذلك. وقد انتشرت هذه الأرصفة التي تقوم على إنشائها الأمانة في بعض أحياء الرياض ونجحت في استقطاب الناس ويكفي أن تزور أحدها لترى مدى ما أسدته من خدمة لسكان مدينة الرياض. كما أن من خصال سمو الأمير الأمين التي امتاز بها "العزيمة والإصرار" ويكفي شاهداً على ذلك موقف سموه من قضية اللوحات الدعائية الضخمة المعلقة التي كانت تهدد أرواح المارة، وصموده أمام لوبي تجارها ونجاحه في ذلك مما يدل على حس وطني رفيع يهمه مصلحة المواطن العادي أولاً وقبل كل شيء. وفي هذا المقام يسرني تقديم بعض المقترحات التي لا أشك لحظة في أنها ستنال اهتمام سموه:

1- إن ما أنشأته الأمانة من أرصفة للمشاة في بعض الأحياء جيد ومطلوب، ولكن هناك العديد من الأحياء ما زال سكانها ينتظرون نصيبهم منها. وما من شك في أن إنشاء أرصفة جديدة يكلف الكثير، ولذلك أقترح على سموه الكريم أن تنشأ أرصفة للمشاة في مناطق الأسواق المركزية التي بدأت تنتشر في أنحاء الرياض مثل مركز غرناطة ومركز إيثار والإثراء بشرقي الرياض وغيرها مما يماثلها. وأن تنشأ هذه الأرصفة على نفقة المركز وتحت إشراف الأمانة حتى لا تنشأ بطريقة تسمح للسوق باستخدامها لأغراض أخرى.

2- يلاحظ الجميع بأن أي صاحب مبنى أو منزل يطلب منه بناء رصيف أمام بنايته، ولكن مواصفات هذا الرصيف أو طريقة تنفيذه أو نوع بلاطه أو ارتفاعه غير محددة. ولهذا تجد العجب العجاب في أنواع هذه الأرصفة. فأما ما يوجد أمام المنازل فمن النادر أن تجد رصيفاً صالحاً للمشاة ذلك أنه يستخدم موقعاً للأشجار المصفوفة أمام المنزل التي تزرع بدون مراعاة لرغبة الجار أو ذوقه فبعضهم يزرع نخيلاً والبعض الآخر كينة أو كافوراً أو غير ذلك، ثم الاختلاف في نوع البلاط وعدم مراعاة صلاحيته للمشي. ومن النادر أن تجد أشجاراً صغيرة أو قصيرة مزهرة وجميلة. ولذلك تجد الناس يمشون دائماً في الشارع مضطرين وليس مع الأرصفة.

وأما المباني التجارية فترى خطأ بأن الرصيف الذي يقع أمامها ملك لها ولذلك تستغله في مواقف للسيارات كما هو حال معارض السيارات على الدائري الشرقي في حي القدس، أو لعرض بعض من منتجاتها خارج المحل كما هو حاصل في معظم شوارع الرياض التجارية. وقد يكون لدى صاحب المحل رغبة في التميز فيضع بلاطاً زلقاً خطراً على الإنسان وقد يؤدي إلى إصابات جسيمة خاصة إذا تبلل، أو قد يبني رصيفه مرتفعاً عن رصيف جاره، أو يضع في نهايته مصداً للمشاة. ولهذا تجد أنك لا تستطيع الاستمرار في المشي عبر رصيف واحد مخصص أصلاً للمشاة، ولذلك تجد أنك تنزل مرة وتصعد أخرى وتهدئ من خطوك مرات خشية الانزلاق أو تنزل للشارع مع السيارات مضطراً لعائق جدار أو بضائع على الرصيف أو سيارة موقوفة حتى الجدار أو غير ذلك.

واقتراحي هنا هو في إلزام أصحاب المحلات ببناء الرصيف حسب مواصفات الأمانة وليس حسب ما يشتهي صاحب المبنى، وأن توضع مصدات مواصير جمالية بين الشارع وبين المحلات تحمي المشاة وتمنع من استغلاله للوقوف، وأن تزال بقايا اللوحات القديمة كالمسامير البارزة وقطع الحديد المثبتة لتركيب لوحات لبعض الجهات الحكومية وهي خطرة على من لم يرها فكم من إصابة حدثت منها.

3- يلاحظ الجميع بأنه رغم وجود مراقبين للبلديات الفرعية في الأحياء التي تخدمها فإن هناك لوحات مؤقتة دعائية توضع على الأرصفة وتعلق في أعمدة الإشارات الضوئية، وهي لا شك مخالفة للنظام وقد تبقى هذه اللوحات أشهراً. وما أسهل معرفة من يضعها فالمؤسسة ورقم جوال صاحبها موجودان على اللوحة، بل وصل الحال إلى أن يستغل المدرسون الخصوصيون أعمدة الإنارة والإشارات الضوئية بتشويهها بوضع أرقامهم ودعاياتهم، وطالما هم آمنون لماذا لا يقلدهم غيرهم. فالمرجو من سمو الأمين أن يحث البلديات الفرعية على الاهتمام بإزالة هذه التشوهات ووضع آلية تمنع من تكرارها.

وطالما أن الحديث عن اللوحات الدعائية فإن من أسوأ اللوحات تلك القماشية التي توضع على الكباري أمام السائقين لتعلن عن وجود مؤتمر أو ندوة. وأنا أقول أليس هناك من وسيلة أخرى لإيصال الخبر بطريقة حضارية سليمة كالتلفزيون والصحف واللوحات الثابتة بدلاً من هذه الطريقة الخطرة التي تجعل السائق يهتم بقراءة الخبر وينسى سيارته.

4- كانت مدينة الرياض من أوائل المدن بالمملكة التي اعتنت بلوحات أسماء الشوارع. وليس لي من ملحوظات على الأسماء وطول بعضها، لكنني سأتحدث عن مواقع اللوحات في الشوارع الفرعية من عرض 40متراً فما دون. هناك كرم حاتمي في وضع لوحات الأسماء لكنها في بعض الأحيان توضع في المكان الخطأ إما خلف شجرة أو في منحنى أو غير ذلك. وأنا أقول بأنه ليس هناك من داع لكل هذه اللوحات في شارع واحد فالناس تهتم باللوحة عند مدخل الشارع ونهايته لمعرفة الشارع المتفرع منه أو المقاطع له. وقد رأينا في بلدان عديدة بأن لوحة الشارع والشارع المقاطع له توضع على عمود صغير وفوقه لوحتان متقاطعتان فقط، وهي تكفي للدلالة والدراية بالاسم والموقع. وهذا الاقتراح سيؤدي إلى تقليل نفقات وضع اللوحات إذ سيقلل من عددها كثيراً، وسيحافظ عليها فهي ستكون منفصلة عن جدران المنازل مما سيحميها من ترميمات المنازل ودهانها وسيجعلها واضحة للعموم فلا تظللها أشجار الشوارع. كما أن الناس سيصطلحون على معرفة موقعها فلا يبحثون إلا فيه.

5- ومن الإنجازات التي اكتملت ترقيم المنازل مربوطاً باسم الشارع واسم الحي، ولكنه إنجاز وهمي فلا يستخدمه ربما سوى الأمانة. وأما بقية الجهات الحكومية فلكل جهة رقم خاص بها، وهذه أمثلة منها:

أ- رقم خاص بالأمانة، وهو الأساس الذي يجب أن يكون مرجعياً لكل الجهات الحكومية والخاصة. فإذا كان رقم الأمانة مربوطاً بالمدينة، ثم الحي، فالشارع فسيعطيه رقماً خاصاً به لا يتكرر في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية. ولكن الملاحظ عدم استخدامه من قبل الجهات الأخرى.

ب- رقم خاص بشركة الكهرباء، وهو يحوي رقماً للحي والشارع، والعداد. ويسمونه رقم الاشتراك. وهو غير متسلسل بل تعطى المنازل أرقاماً حسب تاريخ دخول الكهرباء إليها. وإذا كان هذا الترقيم ضرورة في الماضي فلماذا لا يعدل على رقم الأمانة لكي يمكن تقليل الجهود في الاستدلال الرقمي على مواقع المنازل وخدمتها من قبل الشركة.

ج- رقم خاص بوزارة المياه والكهرباء، وهو للمياه، مشابه لرقم الكهرباء، في ربطه بالحي، كما أنه غير متسلسل وينطبق عليه ما ينطبق على رقم اشتراك الكهرباء.

د- رقم خاص بتعداد السكان، فهم يقومون بترقيم المنازل في كل مرة يجرى فيها تعداد. ولا أدري لماذا لا يستخدم ترقيم الأمانة طالما أنه جاهز الآن. فإذا كان لهم عذر في التعداد الأول فليس لهم عذر الآن في المدن التي أنجزت الترقيم على الأقل.

هـ- وآخر الصرعات رقم عجيب للبريد، وهو غير متسلسل، ولا يعرف منطقه وترتيبه أحد غيرهم. وهذا أمرغريب، فالمفروض أن يلتزم البريد بالترقيم الموجود خاصة أنه يسمي خدمته "واصل إلى المنزل". والمنزل له رقم فإذن لماذا يضاف رقم إلى جدران المنزل.

وهذه الجهات الحكومية ستستمر في هذه الممارسات الخاطئة التي تهدر كثيراً من المال العام في سبيل تكرار عمل مهمة سبق أن أنجزتها جهات حكومية أخرى. وهذا يكشف مدى ضعف التنسيق بين الجهات الحكومية والخاصة ويدعو إلى مزيد من تفعيله.

واقتراحي هنا هو أن تقوم أمانة مدينة الرياض باستصدار قرار يلزم بقية الجهات الحكومية والخاصة باعتماد رقم المنزل المعتمد منها وتغيير ترقيمها بما يتلاءم مع ذلك. على أن الأمانة ينبغي عليها كذلك وضع رقم خاص لكل منزل يتكون من (رقم المدينة، رقم الحي، رقم الشارع)، وأظنه موجوداً وجاهزاً. وهذا التوحيد في الاستدلال والترقيم سيقلل النفقات ويجعل هناك خريطة رقمية واحدة لكل المدينة مما سيسهل مهمات الكهرباء والماء والبريد والصحة والدفاع المدني والمرور وغيرها من الجهات التي تتعامل مع الخرائط كوزارة العدل والقطاع الخاص.

6- ومن الأمور المؤرقة لسكان مدينة الرياض حال دورات المياه في المتنزهات وأماكن الترويح ومقار الاحتفالات، ناهيك عن حالها السيئ في محطات الوقود وبعض الأسواق المركزية. فوضع دورات المياه سيئ بل متناه في السوء فليس هناك من يعتني بها، وبعد قليل من بدء استخدامها تتحول إلى مشهد مريع من القذارة بحيث لا يستخدمها أحد إلا من اضطر اضطراراً شديداً، ولا أظن أحداً لم يضطر إلى الرجوع إلى البيت وقطع ترويحه بسبب أن عائلته لم تستطع استخدام دورة المياه. ومع استثناء بعض الأسواق المركزية التي اهتمت بهذا الجانب وضرورة العناية بها لراحة مرتاديها كمركز غرناطة وأمثاله، فإن هناك الكثير منها لم تعر ذلك اهتماماً. أما محطات الوقود فحدث ولا حرج، وكم ساءني مرة منظر زوار من سلطنة عمان حينما نزلوا من حافلتهم في بداية مدينة الرياض وهم فرحون فتسابقت النساء لدورات المياه في المحطة وما أن دخلت الأولى حتى رجعت مندهشة، وقد جرب الكل أن يدخل ولكن هيهات. ولك أن تتصور وضعهم في حالة من الاحتقان.

وبما أن هذه الأسواق وهذه المحطات تحصل على تراخيص من الأمانة، وهي تربح الكثير من المال فيجب إجبارها على مستوى معين من النظافة وبدون هذا الإجبار فلن ينصاعوا. يجب أن يحصل المواطن على خدمة تتلاءم مع ما يدفعه من المال لهم.

7- وهناك نقطة أخيرة وهي مواقف السيارات أمام البنوك إذ يلاحظ أن بعض البنوك بدأت في بناء مقرات جيدة بها مواقف للسيارات، ولكن ما زال هناك الكثير منها لم تنفذ ذلك. ويشتهر أكثرها ربحاً وفروعاً بأنه مثال سيئ فإذا كنت تسير في شارع مثلاً وقابلك زحام شديد بحيث تكاد السيارات أن تتوقف فاعلم بأن هناك فرعاً لهذا المصرف. ومما يزيد من حدة المشكلة أن هذا المصرف يختار الشوارع التجارية والمزدحمة ليقيم فروعه وهذه حاله في كل مدن المملكة.

أما آن الأوان لإجبار هذه البنوك التي تزداد أرباحها بالمليارات لإيجاد مواقف للسيارات بعيدة عن الشوارع والأرصفة؟ ومن المعلوم بأنهم لن يفعلوا ذلك إلا مجبرين والأمل بعد الله في سمو الأمين.

لقد أطلت في تقديم هذه الاقتراحات التي هي حال لسان المواطن العادي ولولا أنني متيقن بأنها ستجد القبول والعناية من لدن سموه لما تجشمت عناء كتابتها. إنني أحيي سمو الأمين الدكتور الذي يخصص ست ساعات أسبوعياً للقاء المواطنين وحل مشاكلهم والاستماع إليهم. إن هذا الفعل لا يصدر إلا من مسؤول نزيه واثق من نفسه ومما يعمل. بارك الله في جهود سمو الأمين ونفع بها وجعل ما يبذله في سبيل مدينة الرياض في موازين أعماله إنه ولي ذلك والقادر عليه.